وهكذا يوجههم إلى الاتصال بالله في كل حال , وفي كل وضع , إلى جانب الصلاة . . فهذه هي العدة الكبرى , وهذا هو السلاح الذي لا يبلى . . فأما حين الاطمئنان (فأقيموا الصلاة) . . أقيموها كاملة تامة بلا قصر - قصر الخوف الذي تحدثنا عنه - فهي فريضة ذات وقت محدد لأدائها . ومتى زالت أسباب الرخصة في صفة من صفاتها عادت إلى صفتها المفروضة الدائمة.. . ومن قوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتًا). . أخذ الظاهرية رأيهم في عدم قضاء الفائتة من الصلاة لأنها لا تجزي ولا تصح . لأن الصلاة لا تصح إلا في ميقاتها المعين . فمتى فات الميقات , فلا سبيل لإقامة الصلاة . . والجمهور على صحة قضاء الفوائت . وعلى تحسين التبكير في الأداء , والكراهية في التأخير . . ولا ندخل بعد هذا في تفصيلات الفروع . .
الــــــــــــــــــوفقة //~
الصلاة !! الصلاة
إذا داهمك الخوف، وطوقك الحزن، وأخذ الهم بتلابيبك، فقم حالاً إلى الصلاة، تثوب لك روحك، وتطمئن نفسك، إن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان والغموم ومطاردة فلول الاكتئاب:
{كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال: أرحنا بالصلاة يا بلال } فكانت قرة عينه، وسعادته وبهجته.
إن صلاة الخوف فرضت لتؤدَّى في ساعة الرعب، يوم تتطاير الجماجم وتسيل النفوس على شفرات السيوف، فإذا الثبات والسكينة والرضوان والأُنس.
إن على الجيل الذي عصفت به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد، وأن يمرغ جبينه ليرضي ربه أولاً، ولينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب، وإلا فإن الدمع سوف يحرق جفنه، والحزن سوف يحطم أعصابه، وليس لديه طاقة تمده بالسكينة والأمن إلا الصلاة.
ومن أعظم النعم لو كنا نعقل: هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة، كفارة لذنوبنا، ورفع لدرجاتنا، وصلاح لأحوالنا، وسكينة لنفوسنا، دواءٌ لأمراضنا، تسكب في ضمائرنا مقادير زاكية من اليقين، تملؤ جوانحنا بالرضا، أما أولئك الذين جانَبوا المسجد وتركوا الصلاة، فمن نكد إلى نكد، ومن حزن إلى حزن، ومن شقاء إلى شقاء: فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ[محمد:8].