وقفة مع آية :( وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ ... )
19 رمضان ,, بقي من رمضان 11 يومآ `~
بسم الله الرحمن الرحيم ..
وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً (11)
سورة الأسراء ,, ص283
الذين لا يهتدون بهدي القرآن , فهم متروكون لهوى الإنسان .
الإنسان العجول الجاهل بما ينفعه وما يضره , المندفع الذي
لا يضبط انفعالاته ولو كان من ورائها الشر له:
(وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً ). .
ذلك أنه لا يعرف مصائر الأمور وعواقبها . ولقد يفعل الفعل وهو شر ,
ويعجل به على نفسه وهو لا يدري . أو يدري ولكنه لا يقدر على
كبح جماحه وضبط زمامه . . فأين هذا من هدى القرآن الثابت الهادي ?
ألا إنهما طريقان مختلفان : شتان شتان . هدى القرآن وهوى الإنسان !
ويخبر تعالى عن عجلة الإنسان ، ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده أو ماله (بالشر )
أي : بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك ، فلو استجاب له ربه
لهلك بدعائه ، ( كما قال تعالى) : (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم )
يونس [11]
وكذا فسره ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وقد تقدم في الحديث: "
لا تدعوا على أنفسكم ولا على أموالكم ، أن توافقوا من الله ساعة إجابة يستجيب فيها " .
وإنما يحمل ابن آدم على ذلك عجلته وقلقه ؛ ولهذا قال تعالى:
(وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً)
دعاءه بالخير أي كدعائه ربه أن يهب له العافية ;فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشر هلك
لكن بفضله لا يستجيب له في ذلك.نظيره: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير وقد تقدم .
وقيل : نزلت في النضر بن الحارث ، كان يدعو ويقول :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.
وقيل : هو أن يدعو في طلب المحظور كما يدعو في طلب المباح ،
وقد ذكر سلمان الفارسي وابن عباس -رضي الله عنهما –
هاهنا قصة آدم ، عليه السلام ، حين هم بالنهوض قائما قبل أن تصل الروح إلى رجليه ،
وذلك أنه جاءته النفخة من قبل رأسه ، فلما وصلت إلى دماغه عطس ، فقال : الحمد لله .
فقال الله : يرحمك ربك يا آدم .فلما وصلت إلى عينيه فتحهما ، فلما سرت إلى أعضائه وجسده جعل ينظر إليه ويعجبه ،
فهم بالنهوض قبل أن تصل إلى رجليه فلم يستطع وقال : يا رب عجل قبل الليل .
الـــــــــــــــــــوقفة /
لا تستبق الأحداث، أتريد إجهاض الحمل قبل إتمامه؟!
وقطع الثمرة قبل النضج؟!
فلماذا نفتن أنفسنا ونستعجل به، ونتوجس من مصائبه،
ونهتم لحوادثه، ونتوقع كوارثه،
ولا ندري هل يُحال بيننا وبينه أو نلقاه؟
فإذا هو سرور ونور وحبور، المهم أنه في عالم الغيب،
لم يصل إلى الأرض بعد، إن علينا ألا نعبر جسراً حتى نأتيه،
ومن يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر،
أو لعل الجسر ينقطع بنا، وربما وصلنا الجسر ومررنا بسلام.
وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً
تعني : التسرع
وترمي إلى :أن الإنسان لايصبر لنوال رزقه المكتوب
قال الشاعر وهو ابن جامع :
أطوف بالبيت فيمن يطوف وأرفع من مئزري المسبل
وأسجد بالليل حتى الصباح
وأتلو من المحكم المنزل
عسى فارج الهم عن يوسف
يسخر لي ربة المحمل