سَلوى تجلس جوارَ فاطمة على المِقعدِ نفسِهِ بالفصل، كلٌّ منهما تحبُّ صديقتَها وتتبادل معها الزِّيارات بين الحِين والآخَر، لذا لاحظت التلميذات تلك الصَّداقة والحُبَّ في الله .
شهيرةُ لاحظت تلك العلاقةَ الوطيدةَ بين فاطمة وسلوى وبدأتِ الغيرةُ تَدِبُّ في قلبها، لماذا لا تُفسد هذه العلاقةَ الجميلةَ وتزرعُ الخصامَ والبُغْضَ بدلاً من الوفاق والحبِّ.
بدأتْ شهيرة تُنفِّذ خطَّتها وقامتْ خِلْسَةً وأخذتْ قلمَ سلوى ووضعَتْه في حقيبة فاطمة في أثناءِ الفُسحة، وحِينَ عادتْ سلوى بحثتْ عن قلمِها كثيرًا ولكنَّها لم تجدْه، وما أن فتحتْ فاطمةُ حقيبتَها حتَّى فُوجِئَتْ بقلمِ سلوى فبادرتْ بتقديمِه لها وهي تقول في ذهولٍ: صدِّقيني لا أعلم كيف انتقل لحقيبتي.
ربَّتت سلوى على كتفِ صديقتها فاطمة وهي تقول مبتسمةً: لا بأسَ يا صديقتي.. جَلَّ مَنْ لا يَسْهُو.
شعرت شهيرة بالضِّيقِ الشَّديد فقد كانت تظنُّ أنَّ سلوى ستُخاصم فاطمةَ للأبد، ولكنَّ هذا لم يحدُثْ، ماذا تفعل لتنجحَ في خطَّتها، وبينما هي غارقةٌ في تفكيرِها الشِّرِّير إذا بسلوى تقترب منها ومعها فاطمة، بادرَتْها سلوى قائلة: شهيرة.. هل عرفتِ أنَّ المسجدَ القريبَ مِن دارِكم بدأ دورةً جديدةً لتحفيظِ القرآن الكريم؟
ارتبكتْ شهيرةُ من تلك المفاجأةِ غيرِ المتوقَّعة وتَلَعْثَمَتْ وهي تُجيبها قائلةً: لا.. لا أعرف.
ربَّتت فاطمة على كتفها قائلةً: مِن واجبنا عليك بِصِفَتِكِ صديقةً عزيزةً وزميلةً بالفصل أن نُخبرك.. سننضمُّ أنا وسلوى لدورةِ تحفيظ القرآن وكنَّا نودُّ لو تنضمِّين معنا.
ارتسمتْ علاماتُ السَّعادةِ على وجه شهيرة وهي تقول: أنا!!
احتضنتْها سلوى وهي تقول: طبعاً أنتِ.. هل نسيتِ أنَّك صديقتُنا العزيزةُ وأختُنا الغاليةُ.
دَمَعَتْ عينا شهيرة وهي تتذكَّر الموقفَ الذي فعلتْه منذُ قليلٍ ولم تحتمِلْ أن تُخْفِيَ الأمرَ أكثرَ من هذا لذا صارحتْ سلوى بما حدث منها، المفاجأةُ أنَّ سلوى قبِلت اعتذارَها ورحَّبت بصداقتها ومنذ تلك اللحظة أصبحنَ ثلاثِ صديقاتٍ لا يُفارقن بعضهُنَّ أبدًا.